Menu Close

مرسي: استكشاف ما وراء الهوية الإسلامية يونيه 28, 2012 محمد الدجاني الداودي

محمد الدجاني الداودي

سوف تعكف المراكز البحثية في الولايات المتحدة وأوروبا خلال العقد القادم على تحليل أسباب فوز الإسلاميين بالانتخابات الرئاسية المصرية. وحتى أوفِّر عليهم هذا العناء، فسوف أعطيهم إجابة بسيطة: لم يصوت الناخبون المصريون من أجل محمد مرسي كفرد أو من أجل برنامجه السياسي. كما أنهم لم يشاهدوا المقابلات التلفزيونية حتى يعرفوا موقفه تجاه معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وموقفه من المرأة والمسيحيين وخلافه. لقد كانت تلك هي مخاوف الغرب، لكنها لم تكن مخاوف الناخبين المصريين. لم يصوِّت الناخبون المصريون لجماعة الإخوان المسلمين كما أنهم لا يبالون بما تمثله. فقد كانت جماعة الإخوان المسلمين ولا تزال – شأنها شأن حماس في غزة – أقلية صغيرة ليس لها قبولاً جماهيرياً. إذن كيف يفسر المرء فوزهم؟ الأمر في غاية البساطة، لقد صوَّت الناخبون المصريون للإسلام. فهناك تصور بأن الغرب يشن حرباً ضد الإسلام، ومن ثم فإن رد الفعل هو تمكين من يحملون راية الإسلام.

إن السلوك التصويتي للناخب العربي يقوم على العاطفة وليس العقل. فقد ذكر كامبل وآخرون في كتابهم “الناخب الأمريكي” (1960) أن الجهل وعدم الموثوقية يهيمنان على الناخبين الأمريكيين (المتأرجحين). وعلى نحو مماثل، فإن هذه النظرية انطبقت على الانتخابات الفلسطينية والانتخابات المصرية، كما أنها تعكس الحقيقة الواقعة على الأرض فيما يتعلق بكلا الانتخابين. فالناخب المصري – ومن قبله الناخب الفلسطيني – ليس على قدر كبير من التعليم والثقافة، كما أنه ليس ناخباً عقلانياً محنّكاً. وقد أعطى الغرب كلا الناخبين ثقة أكبر مما يستحقونها. فعلى سبيل المثال، أرجع المحللون الغربيون فوز حماس إلى رفض فساد حركة فتح في حين أن ذلك كان أبعد ما يكون عن عقلية الناخبين الفلسطينيين. لقد صوَّت الناخبون الفلسطينيون لحماس لأنهم يتصورون أنفسهم يصوتون للإسلام ولمن يعتقدون أنهم يحملون راية الإسلام.

كما أن النخبة الحاكمة الجديدة في مصر أبعد ما تكون عن كونها نخبة. فهم ينتمون إلى الفئات الدنيا الفقيرة وغير المثقفة والتي ليس لديها خبرات سابقة في الحكومة والشؤون الدبلوماسية. وسوف تُسكرهم القوة ويفسدهم المال مثلما كان الحال مع زملائهم في غزة. لكن الشيء المهم هو عدم الضغط عليهم للالتزام بالمقاييس الغربية. فقد تقع أحداث متفرقة ضد المسحيين أو النساء، لكن يجب فصل تلك الأحداث عن السياسة الرسمية. وسوف يحاول المتطرفون جرّ الحكومة الجديدة إلى مواجهة مع الغرب وإسرائيل لإبعادها عن التوسط والاعتدال. ومن المستحسن هنا الحفاظ على الإسلام المعتدل باعتباره المرجعية وتمكينه في مواجهة الإسلاميين المتشددين.

وأفضل نصيحة للغرب هي عدم التعامل مع محمد مرسي على أنه إسلامي، لكن ينبغي التعامل معه باعتباره الرئيس الديمقراطي المنتخب لمصر. إن النظر إليه على أنه إسلامي والهوس بفكرة أن حزبه هو الحاكم لمصر سوف يؤدي حتماً إلى تدهور العلاقات مع الغرب. وإذا أصر الغرب على النظر إلى مرسي كإسلامي وعامله على هذا النحو، فسوف يصبح ذلك نبوءة ذاتية التحقيق وسوف يتصرف مرسي على هذا النحو. لكن إذا نظر الغرب إليه على أنه ديمقراطي يقود بلده لإخراجها من معاناتها إلى مستقبل جديد فسوف يمنحوه الفرصة للحكم كديمقراطي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *